Thursday 11 January 2018

إخوان كندا!

ماجد حبته
لم أقرأ هذا الكتاب، لكن قرأت المراجعات الموجودة على موقع «أمازون»، ويسعدني جدًا لو اعتقدت أن هذا المقال دعاية للكتاب، أو فرصة أو «تلكيكة» للكتابة عن صديقي وزميلي وأخي الكبير، سعيد شعيب، المشارك في تأليفه مع أربعة آخرين: توماس كيجين، طاهر جورا، جوناثان كوتلر، ريك جيل، وكتبت مقدمته رحيل رازا.
الكتاب يتناول التأثير السلبي لجماعات الإسلام السياسي في كندا، ويرد الأيديولوجيات التي شكلت وعي تلك الجماعات إلى أصولها، ويؤسس لوجهة نظر مغايرة لبعض المصطلحات مثل «الوهابية، الإسلام الحركي، السلفية»، لأن إعادة النظر في تلك المصطلحات تضعنا أمام إيجاد حلول منطقية لحل مشكلة جماعات الإسلام السياسي من جذورها، أو من الأصل أو الأساس، الذي تقوم عليه جماعات الإسلام السياسي إلى الآن، والذي تلخصه مقولة حسن البنا «إن طبيعة الإسلام هي الهيمنة وفرض قانونها على جميع الأمم، وتمديد قوتها لكوكب الأرض بأسره».
يؤكد الكتاب، في مجمله، أن أيديولوجية الإسلام السياسي سواء كانت عنيفة، أو غير ذلك، فإنها ضد النسيج الاجتماعي وضد الحريات، ويكشف عن أنها أصل الإرهاب الذي يشهده العالم، وأن محاولات احتضان تلك الجماعات أو احتوائها، في فرنسا، وبلجيكا، وبريطانيا، لن تمنع المواجهة والصراع، لأن الإسلاميين يسعون دائمًا إلى السيطرة وفرض توجهاتهم. وينتقد الكتاب تبني عدد من السياسيين الكنديين سياسة استرضاء الكيانات الإسلامية المختلفة، ويشير إلى أن الحركة البرلمانية M-١٠٣ التي طرحها النائب البرلماني «إكرا خالد»، تمثل صورة واضحة للهجمات المستترة التي تقودها شبكة الجماعات الإسلامية، كما يشن هجومًا على رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، لتجاهله المسلمين الإصلاحيين، وبالتالي يتهمه الكتاب بأنه يعمل ضد القيم الكندية. وجاء عنوان الفصل الأخير «تحذير أمريكا»، ليقول بوضوح إن رئيس الوزراء الكندي، بتبنيه التيارات الإسلامية الوافدة على دولته، يقوم بتعريض الولايات المتحدة وكندا للخطر.
تكفي قراءة العنوان «الإسلام السياسي خطر على كندا»، لتدرك أنه يحمل إنذارًا أو تحذيرًا يضاف إلى إنذارات وتحذيرات سابقة، أطلقها سعيد شعيب في مقالات، بينها مثلًا، مقال مهم لفت نظرنا فيه إلى وجود كتب محمد الغزالي في المكتبات العامة في كندا، مع كتب أخرى تحرض على الكراهية والعنف والإرهاب لآخرين، مثل يوسف القرضاوي و«رياض الصالحين» للإمام النووي، وآخرين، في نفس الوقت لا يوجد كتاب واحد في المكتبات التي زارها في العاصمة الكندية، أوتاوا، ينتقد الإرهاب والعنف والكراهية، رغم وجود كتب كثيرة لمفكرين مسلمين وغير مسلمين.
ما معنى هذا؟ يسأل سعيد شعيب، ويجيب بأنه يعني غالبًا أن هناك من يفضل اختيار هذه النوعية. ويرجح هذا الاحتمال، أن إحدى المكتبات العامة رفضت أن يهديها كتابين من تأليفه، هما «زوال دولة الإخوان» الصادر في مصر، يناير ٢٠١٣، أثناء فترة حكم الإخوان، وفيه توضيح لخطورة المشروع السياسي والديني للإخوان على مصر والعالم، وسعيهم لتأسيس دولة دينية استبدادية، ومن بعدها استعادة مشروع الخلافة الإسلامي للسيطرة على العالم. أما الكتاب الثاني فهو «حوار الطظ.. خطايا الإخوان المسلمين في حق مصر» الذي صدر سنة ٢٠١٠، وفيه توثيق للحوار الذي قال فيه مرشد الإخوان الأسبق، محمد مهدي عاكف، العبارة الشهيرة «طظ في مصر وأبو مصر واللي في مصر».
زملاء كثيرون يعرفون، بل كانوا شهودًا، على قدر المعاناة (والوساخات) التي تعرض لها سعيد بعد نشر ذلك الحوار «كاملًا» في جريدة «روزاليوسف»، وصلت إلى حد تكفيره وتهديده بالقتل من الإخوان، وتشويه سمعته من «اللي بيحترموهم»، الذين ثبت لاحقًا أنهم إخوان بـ«شرطة» أو بـ«ماسك» أي بقناع، وأنا شخصيًا، أعرف جانبًا من قصة ذلك الحوار منذ تم إجراؤه مرورًا بنشره مشوهًا، ثم حماس عبدالله كمال، رحمه الله، لنشره كاملًا دون حذف حرف.. وفي هذا الجانب من القصة، تفاصيل منع الحياء سعيد من حكايتها، سأكتبها بالطبع يومًا ما!.
المهم، هو أن طلب إهداء الكتابين، لم يحصل عنه على إجابة من إدارة المكتبات إلا بعد شهور، وبعد إلحاح شديد منه لمعرفة ماذا حدث، وكان الرد في النهاية بالرفض بحجة أن الكتابين لا يتوافقان مع معايير المكتبات العامة في كندا!. وعليه، كان منطقيًا طرح السؤال: هل المعايير الكندية ترحب بكتب تدعم الإرهاب وكراهية الغرب ولا تسمح بكتب تنتقد الكراهية والإرهاب؟! وطبيعي أن تكون الإجابة بأنه من الصعب حدوث ذلك بشكل عشوائي، وبأن هناك إسلاميين نجحوا، في الغالب، بشكل أو بآخر في التسرب إلى اللجنة التي تختار الكتب، ويسعون لنشر الخطاب الإرهابي الذي يتبنونه.
أضيف إلى ما ذكره سعيد شعيب، أن كندا لا تختلف في ذلك عن بريطانيا التي سبق أن كشفت وسائل إعلام بها، بينها هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، في ٢٨ يوليو ٢٠١٦، عن أن ٥ كتب صنفتها مصلحة السجون البريطانية على أنها «متطرفة»، ومع ذلك بقيت في مكتبات بعض السجون، لمدة ٧ أشهر بعد المراجعة التي قامت بها اللجنة، المعروفة باسم «لجنة آيتشسون»، وكانت الكتب الخمسة هي «رسالة الجهاد» لحسن البنا، «معالم على الطريق» لسيد قطب، «الحلال والحرام» ليوسف القرضاوي، «نحو فهم للإسلام» لأبي الأعلى المودودي، وكتاب «مبادئ التوحيد» لبلال فيليبس.
الخلاصة، هي أن التحذير الذي يحمله كتاب «الإسلام السياسي خطر على كندا»، أو رسالته، ورسالة سعيد شعيب، عمومًا، يمكن تلخيصها في أن القضاء على الإرهاب إذا كان ضرورة ملحة، فإن منع توغل أيديولوجيات الجماعات الإرهابية، داخل المجتمعات الغربية، قبل الشرقية، صار ضرورة أكثر إلحاحًا.
http://www.dostor.org/2011749

No comments:

Post a Comment