Thursday 15 March 2018

سعيد شعيب: لن ينصلح حال المسلمين إلا بالتخلي عن الفقه الاستعماري 

 حوار_ يوسف وهيب

3/11/2018 5:51:44 PM
كندا تواجه الإخوان والمتطرفين 
شعيب: مجددو الإسلام والمجتهدون يسجنون وأصحاب فتاوى الكراهية طلقاء  
المهاجرون الإسلاميون يستغلون الديموقراطية في تدمير البلدان التي آوتهم 


 نحن لم نؤذهم في شيء، بل استقبلناهم ورحبنا بهم ومنحناهم حقوقًا حرموا منها في أوطانهم الأم،  لماذا يريد الإسلاميون " أي من يوظفون الدين ويقحمون تشددهم في العلاقات الإنسانية " هدم الحريات التي جاءت بهم إلى بلادنا، لماذا يرغبون دائمًا في معاقبتنا على منحهم الحرية والحقوق المتساوية دون النظر إلى جنسهم أو دينهم؟!
هذا السؤال وغيره، بات هو الشغل الشاغل، ليس لمراكز الأبحاث الغربية، وحسب، بل للمواطن العادي، سواءً في قارة أوروبا أو أمريكا، وبالتحديد في دولة كندا، واتساقًا مع مبدأ الحريات لا يقابل الكنديون هذه التصرفات بالمثل، بل يحاولون فهم ما يجري على أراضي بلادهم.
 واستمرارً لمحاولات الفهم هذه، بدأوا في تشريح هذه الظاهرة " تصاعد عداء الإسلاميين لمجتمعهم"، ولم ينطلقوا من نظرة أحادية لديهم، بل تأكيدًا على ثقافة الحوار يتشاركون مع مختصين من أبناء البلاد التي صدرت لهم الأفكار التي يعانون منها، وكذلك البشر الذين يحاولون فرض شريعتهم، أو تحقيق مآربهم السياسية تحت غطاء ديني وحقوق الأقليات، وقد صدر في كندا خلال الأسابيع الماضية كتاب بعنوان " خطر الإسلام السياسي على كندا"، الكتاب اشترك في تحريره خمسة باحثين ينتمون للديانات الثلاث " اليهودية والمسيحية والإسلام" لتأصيل ورصد ظاهرة العنف ومكامن الخطر، ومثل الجانب اليهودي الباحث"جوناثان كوللر"،  ومن الجانب المسيحي، الباحث وخبير الأمن"توماس كويجان وريك جيل" ومن الجانب المسلم كل من "الكاتب والباحث سعيد شعيب والباحث طاهر قورة" وقدمت له الباحثة المسلمة راحيل رازا. 


 "أخبار الحوادث" حاورت الكاتب و الباحث سعيد شعيب في مجال "الإسلام السياسي" عبر الهاتف، لكشف مكامن الخطر وكيفية مواجهتها، وكيف تنظر  دوائر البحث الكندية والجهات الأمنية لهذه الظاهرة، والأهم كيف يتعامل المجتمع الكندي مع هذا التحدي؟!

   هو ابن رأسه بامتياز، لا يحب ما يأتي سهلاً من معلومات، ولا يحبذ مرددي "آمين" على ماقاله الآخرون، يعشق دائمًا الحفر عند جذور الظواهر، ولا يكتفى بما يبدو فوق الأرض،  ساهم في تأسيس عدة صحف ومواقع اخبارية الكترونية  مصرية منها العربي الناصري والكرامة واليوم السابع وكان مديرًا لتحريرها، وهو صاحب حوار الطظ الشهير مع المرشد " مهدي عاكف "  الذي كشف فيه زيف شعارات جماعة الإخوان الإرهابية، وبالتوازي هو مع كل ذلك باحث جاد في " الحركات الإسلامية وجماعات الإسلام السياسي"، إنه الكاتب الصحفي و المفكر "سعيد شعيب" الذي له عدة كتب منها " عشاق الموت- مع توماس كويجان" و" حوار الطظ" وأخيرًا " خطر الإسلاميين في كندا" تأليف وبحث مشترك مع خمسة باحثين.

  هل فجأة وجد المجتمع الغربي- "الكندي" تحديدًا نفسه في مواجهة الخطر؟!
_ بالتأكيد ليست هناك مفاجآت بالمعني الكامل في الأمر، لكن كل ما هناك، أن هذه المجتمعات، يقدسون حق الإنسان في الحياة التعبير عن ثقافته وما إلى ذلك من أمور، خاصة في المجتمع الكندي؛ وهو ما أستطيع التحدث عنه لأنني خبرته عمليًا بحكم وجودي في كندا منذ سنوات، لكن المعضلة أن  المهاجرين من الإسلاميين يستغلون ما أتيح لهم من ديمواقراطية و حرية ليستخدموه ضد الدولة التي أتاحت لهم هذه الحقوق التي حرموا منها في بلادهم الأم، وهذه المجتمعات مثل كندا تؤمن إيمانًا تامًا بحقوق الإنسان، أي نعم ليس الأمر كما تظن أنها يوتوبيا كاملة، لكن هناك أخطاء فردية ضد أفراد قليلين جدا، لكن دولة القانون هي من يحكم الأمور في النهاية، إن المعضلة الفكرية لدى الإسلاميين أنهم يظنون أن البلدان هذه ما هي إلا دار حرب، ولا يلتفتون أبدًا لما يتم تقديمه لهم، بل يريدون فرض قوانينهم وثقافتهم، وهو ما جعل الكثير من المؤسسات و المجتمع كله ينتبه لذه المخاطر، ولكنهم لا يوجهونها بعنف مماثل أو بكراهية مماثلة، بل ينظرون إليها أحيانا من باب حقوق الإنسان والتخوف من الوقوع في شرك الاضطهاد الديني لأي أقلية من الأقليات، وهذه خبرة أو قل إحساس بالذنب لدى أوربا تاريخيًا تجاه من احتلت دولهم سابقًا.

 فكريًا.. كيف ولماذا ينتشر الإرهاب المتأسلم في العالم؟!
 _ على امتداد مايزيد على 14 قرنًا، منذ ظهور ما يسمى بالخلافة الإسلامية، ومفاهيم مثل الخلافة أو الفتح، ينظر لها بكل تبجيل وتقديس،  مثل هذه الأيديولوجيا التي ترسخ للفكر الاستعماري في واقع الأمر، لم يخترعها أي تنظيم مما نراه على الساحة اليوم، بل هي قديمة منذ البدايات الأولى، وعلى هذه الأيديولوجيا يتربى الإنسان المسلم البسيط وينشأ، وتصير مسلمات ومقدسات،  مثل الخلافة والفتح أي غزو البلدان الأخرى بحجة إقامة الشرع، ولم لا؟! فالتراث الفقهي، أو بالتحديد ما أسميه بـ " الفقه الاستعماري"والمروجون له، يقنعونه طوال الوقت أن الهدف هو تطبيق شرع الله وإعلاء كلمته فوق الأرض، ويتناسى دومًا أن الهدف الأسمى للدين هو إفشاء السلام والطمأنينة بين البشر وليس ترويعهم أو قتلهم تحت أي مزاعم أيًا كانت، كل هذا جعلنا الآن أمام نسختين أو عدة نسخ من الإسلام، أولها النسخة المدعومة بأموال النفط الخليجية، ومدعومة أيضًا معنويًا وفقهيًا من المؤسسات الدينية الكبرى في البلدان العربية، وأخطر أنواع الدعم هذه؛ هو دعم الحكومات والسلطات الحاكمة في كثير من البلدان، فهي تتوهم أن هذا يمنحها قوة ما أو باور مجتمعي، وكأن هذه السلطات الحاكمة لا تدرك خطورة مثل هذه الأفكار والتوجهات، وكأنها لا تسوعب دروس التاريخ " ماحدث مع الرئيس السادات مثالاً"، حيث أخرج الإخوان من السجون وأفسح لهم الطريق، بل حرض تنظماهم و التنظيمات المتولدة منه ضد باقي القوى السياسية و الفكرية، وماذا كانت النتيجة؟! الكل يعلم ما حدث في اكتوبر 1981 أثناء العرض العسكري، اغتالوه في هذا اليوم، ما إن يتنفسوا قليلاً، يعملون على تحقيق ما تم شحن أذهانهم به من أحلام أسموها مقدسة مثل حلم الخلافة وغيرها.
 وهل يتم تغييب المسلم المعتدل هنا؟!
_ لا أستسيغ فكرة المسلم المعتدل وغير المعتدل، فالشخص هو ابن بيئته الفكرية وما يتم حشو رأسه به من قناعات ثقافية أو دينية، فما يسمى بالمعتدل هو فقط الذي لم يمتلك القوة المادية والبدنية ولا السلاح بعد، الشرط عندي أن تكون معتدلاً أو مسالمًا هو أن تتخلى عما يتم تصديره إليك، عبر مساءلته بالبحث والقراءة، لكن طالما أنت ظللت تعتنق مثل هه الأفكار وتعتقد في طوباويتها، فأنت مشروع إرهابي خطر على نفسك وعلى الآخرين، وإلا فعليك أن تخبرني من أين تأتي التنظيمات الإرهابية وغيرها بجنودها ومنتسبيها وانتحارييها؟! ألم يأتوا بهم من بين مواطنين عاديين مسكونين بهذا الحلم الأيديولوجي وفقهه الاستعماري التوسعي؟!

هل هناك تعريف محدد للإرهاب المتأسلم؟!
_  الإرهاب هو الإرهاب، في أي صورة من صوره، حتى ولو كانت لفظية فقط ، ولا تدعو مباشرة إلى القتل، يكفي أن تكون موجودًا في بلد ما، أو ضيفًا في بيت أحدهم وبعد أن منحك حريتك وأكرمك، تحاول فرض قوانينك أنت عليه! هذا إرهابي غير مسلح، وسوف يتحول الى ارهابي مسلح لو تذمر صاحب البيت أو حاول إثناءك عن تحقيق ماتراه أنت مقدسًا وما يراه هو ضد القانون وحقوق الوطن والمواطنة.
 ورجوعًا لما قلته من قبل، وعلى نفس الشاكلة، فإن هناك الإرهابي الذي يحمل السلاح، وهناك الذي لا يحمل، وهو الإرهابي الكامن نتاج الأفكار المحمل بها، فما أن يجد الظروف المواتية والإمكانيات لا يتورع عن المضي في تنفيذ مشروعه " الخلافة"  الكامن بالقوة، مثال ذلك ما يفعله كل من أردوغان، الذي استخدم ولا يزال أدوات الدولة المدنية مثل الديموقراطية و الانتخابات ومنجزات الحضارة الغربية؛ لإقامة ما يسمى بالدولة الدينية. في السودان جاء البشير بانقلاب عسكري ويحكم منذ ما يقرب من 22 عامًا على سدة الحكم في السودان، ولم يظهر ذلك الوجه الإخواني إلا بعد ماحدث في المنطقة العربية منذ نهايات العام 2010 وبدايات 2011، خاصة بعد تدفق الدعم القطري و التركي له، كذلك فإن رجب طيب أردوغان ادعي أنه علماني في البدايات، ولكنه اظهر وجهه الحقيقي بعد أن تمكن من الدولة التركية. اردوغان   خريج المدارس الإسلامية في عهد اتاتورك التي تغذي فكرة ضرورة إقامة الخلافة، وهي في حالة الأتراك تعد نوعًا من استعادة فردوس مفقود، توهموه في الخلافة العثمانية التي احتلت بلدانًا عربية باسم الدين لمدة قاربت على الأربعمائةعام، وخلفوها عن ركب الحضارة قرونًا كما في حالة مصر.

وأين دور الاجتهاد والمجتهدين في هذا الصدد؟!

  - الإرهاب المتأسلم مدعوم بالمال الخليجي والمؤسسي المتمثل في حكومات بعض الدول، وفي مؤسسات دينية وجامعات ومدارس  يصرون على استخدام جانب أحادي في الإسلام، ويجاربون الجانب الإنساني في اسلامنا العظيم، فالقيم الكلية أو ما يسمى بالأصول في الإسلام هي قيم إنسانية عامة ليس فيها العنف أو إجبار الآخر أو تبرير احتلاله تحت أي بند من البنود، وذلك بخلاف الفروع وهي محل اختلافات كثيرة.
وما أود أن ألفت إليه النظر في هذا الإطار، هو الإصرار على تجاهل المحاربين باجتهاداتهم من أجل إنسانية الإسلام، مثال ما حدث مع نصر حامد أبو زيد ومحمد أركون وفرج فودة وغيرهم، خاصة فيما قدموا من اجتهادات تهدف صالح الإنسان المسلم والإسلام، وأيضا فيما يختص بالإصرار على عدم الالتفات الي اجتهاد هام وهو وجود كلمات في القرآن الكريم من لغات اخري مثل اليونانية والسريانية وغيرهما، وهي التي فهمها كبار المفسرين بشكل خاطئ.  على سبيل المثال تعبير " حور العين" هما كلمتان سريانيتيان معناهما "العنب الأبيض" وليس النساء أو ما شابه ذلك، ومفردة " اضربوهن" لا تعني الاعتداء على الزوجة، فهي كلمة ارامية سريانية تعني التجاهل. 
 فلماذا لا نلتفت الى اجتهادات مثل هؤلاء ومن يحاولون التأكيد على إنسانية الإسلام لا تصديره على أنه دين عنف وقتل وسبي ونهم جنسي، كما يصدره لنا المتسلفين ومعظم الفقهاء ومن يأخذون بالفقه الاستعماري، أو فقه الكراهية، وهؤلاء الأخيرون هم من يتم تبني خطابهم سلطويًا وفقهيًا وبالتالي يتم دعمهم على كل الأصعدة، في حين أن المجددين والمجتهدين يلاقون ما يلاقون من عسف واضطهاد يصل إلى حد التكفير والإلقاء في السجون أو التفريق بينهم وبين زوجاتهم!

كيف يجد المسلم البسيط طريقه وسط هذا كله؟!

  _ نحن كمسلمين لسنا في حاجة إلى شيوخ، يتأولون النصوص وفق مصالح وأهواء ورغبات سلطات حاكمة على مر التاريخ، وهذا ما أعطى الفرصة لفقه المصلحة أو الفقه الاستعماري الكاره المكره زن ينتشر، فالإستعمار والإحتلال يحتاج الى الكراهية والعنف، فلا يمكن أن تحتل شعباً تحبه. 
ويجب أن يتم التخلص من هذا الميراث السيء، فالإسلام ليس فيه سلطة كهنوتية أو دينية، فعلاقة الفرد مباشرة بربه، يكفي أن تسير وفق إطار الآية الكريمة "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً"، ولأن الدين بالنسبة للإنسان المسلم هو مشروع حياة في الدنيا أو الآخرة، ألا يستحق هذا المشروع المهم أن تبذل فيه جهدًا كبيرًا لكي تعرف أنت، ولا تعتمد على ما يلقنه لك الآخرون من أصحاب الغرض؟! ومن خلال النص ذاته نجد أن المسئولية هنا فردية" وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا " وكل نفس بما كسبت رهينة" 
هذا ما لا يتم الالتفات إليه طوال الوقت، ويتفنن الفقهاء أنهم وحدهم العالمون ببواطن الأمور، ويتم دومًا الاحتفاء بمقولات فقه الكراهية في القتل والتقتيل، للتأكيد على أن كل إرهاب وراءه الأيديولوجيا " الفقه" لدعمه فكريًا، والممولون الماليون، والأهم من هذا هو استخدام العقل في قراءة النصوص الدينية بما تشتمل عليه من فقه وخلافه.


 الإصلاح أو تجديد الفكر الديني.. هل يكفي لمواجهة الشر؟!
  الشر دائما ما يجهد له مسوغًا في كل الأديان، وكل من يريد ممارسة الشر لن يعدم إيجاد ما يؤكد زعمه في النصوص، وهو ما استخدمه متدينون كثيرون على مر تاريخ البشرية، فأوروبا وجدت في راية الصليب مسوغًا لها في احتلال ومحاربة بعض دول الشرق، وهو ما عرف باسم الحروب الصليبية، لكن أوروبا استفاقت بعد الإصلاح اللوثري، الذي قام به مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي الذي نشأ مضادًا لسلطة بابوات روما، وأعاد للنص و لعلاقة الإنسان بربه اعتبارهما باعتباره مسئولية فردية واختيار لا إجبار وفق طقوس معينة.
 ونحن في العالم الإسلامي ما أحوجنا اليوم إلى هذا الإصلاح الديني، الذي لن يتأتى إلا بدعم الاجتهادات الحديثة التي لا تنصاع لفقه الكراهية أو الفقه الاستعماري، نحتاج إصلاحًا مدعومًا داخليًا وليس خارجيًا.

اhttps://hawadeth.akhbarelyom.com/newdetails.aspx?g=4&id=432802

No comments:

Post a Comment